حياة صعبة وقاسية تعيشها أسرة كاملة فى شبرا، تسبب حادث سيارة فى تحويل حياتها إلى جحيم، وما أصعب أن تعيش أم على ذكرى ابنها ١٧ عاما، تدخل يوميا غرفته تنظر إلى سريره وصوره وتدخل فى أحزانها مرة أخرى، الضحية كريم سامى ١٧ عاما هو اكبر أفراد عائلته، هو رياضى، والده يعمل ضابطا فى جهة سيادية، دهسته سيارة طائشة أثناء ذهابه إلى نادى إسكو بشبرا، وفر السائق هاربا تاركا الضحية دون إسعاف لمدة ٧ ساعات، وسلم السائق نفسه بعد أن علم بوفاته، سارت القضية مثل غيرها وانتهت بغرامة قيمتها ٥٠٠ جنيه ضد السائق، جاءت بمثابة الصدمة للأسرة، وتساءلت فى بلاغ إلى المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام، هل حياة الإنسان أصبحت رخيصة للغاية، ولا تساوى سوى ٥٠٠ جنيه.
التقت «المصرى اليوم» بأسرة كريم فى منزل بحى شبرا، الحياة تكاد تكون متوقفة تماما منذ ٦ شهور فى هذا المنزل، الكل يعيش على ذكريات وحكايات كريم، الأم دموعها لم تتوقف على البكاء، كذلك الأب والأشقاء، سيناريو الحادث على لسانهم طوال ٢٤ ساعة يوميا، الكل يحفظ يوم ٦ فبراير الماضى، وقصة آخر حوار تم بين المجنى عليها وأسرته قبل ذهابه إلى نادى إسكو، وكذلك تاريخ ١٨ مارس وهو اليوم الذى أصدرت فيه المحكمة حكمها على السائق المتسبب فى وفاته، وما بين التاريخين وما بعدهما أحزان كثيرة.
قالت سمر الجندى والدة الضحية كريم: فقدت اكبر أبنائى، كان مثالا للأخلاق والأدب بشهادة الجميع، هو طالبا بالفرقه الأولى بكلية الحقوق، رياضى وحاصل على شهادات تفوق رياضى وفى الحاسب الآلى، تعرض لحادث تصادم فى إجازة نصف العام، وبالتحديد يوم ٦ فبراير الماضى، أثناء توجهه إلى نادى إسكو الرياضى بشبرا الخيمة، الذى اعتاد الذهاب إليه للممارسة رياضته.
أضافت الأم: فى يوم الحادث استيقظ كريم مبكرا، وصلى الفجر فى مسجد مجاور، قبلها دار بيننا حديث عن مشروعاته القادمة فى فترة الإجازة، ورغبته فى استغلالها فى الرياضة حتى يتفرغ للترم الثانى من العام الدراسى، ثم ودعنى ولم أعلم انه الوداع الأخير، دقائق من خروجه جاء الخبر بمثابة الصدمة لى، علمت انه أثناء عبوره شارع سعد سليم أمام بوابة النادى مباشرا فى تمام الساعة السابعة صباحا صدمته سيارة ميكروباص بسرعه شديدة وفر قائدها هاربا، ولم يهتم حتى بنقله إلى أقرب مستشفى، تركته ٧ ساعات، وسلم نفسه بعدها بعد أن علم أن ابنى مات، خاصة أن الدورية الأمنية أرسلت إشارة بالسيارة المتسببة فى الحادث، وادت إلى إصابته فى الرأس ونزيف من الأنف والأذن وأن أحد المارة استطاع أن يلتقط رقم السيارة.
استطردت الأم وسط حالة من البكاء: تم نقل ابنى إلى معهد ناصر، وهناك لفظ أنفاسه الأخيرة بعد ثلاث ساعات وتحررت الجنحة رقم ٢٤٨١ جنح الساحل بتاريخ ٦/٢/٢٠٠٩ وضاع كريم وضاع أمل الأسرة، وبعد شهرين ويومين صدر الحكم من محكمة الجنح بمعاقبة المتهم بغرامة ٥٠٠ جنيه، وألزامته بدفع ٢٠٠١ على سبيل التعويض المدنى المؤقت، وهنا تساءلت الأم هل حياة ابنها تساوى ٥٠٠ جنيه.
وأوضحت الأم: إن هذا هو ثمن الإنسان، وفلت الفاعل وضاع ابنى، أنا أثق فى قضاء الله وقدره لكن أين القصاص العادل، هل يقف القانون مع سائق حرمها من ابنها، الذى كانت تتمناه من الدنيا واصبح سعره رخيصا إلى هذه الدرجة، هل نسلم بالشعار الذى رفعه السائقون عقب الحكم «طالما معاك فلوس دوس الناس ولا يهمك»، وأشارت الأم إلى أن فئة السائقين فى شبرا لا تعرف أى قواعد عن المرور أو الأخلاق أو الشارع.
وأضافت الأم: احنا استعوضنا ابنى عند الله عز وجل ولكن يبقى السؤال ما هو ثمن الإنسان ؟! وما معنى القانون وما معنى قانون المرور المخالفة ٥٠٠ و١٠٠٠ و٢٠٠٠ جنيه والحبس شهر وستة شهور والقتل ٥٠٠ جنيه، حسبنا الله ونعم الوكيل على كل من يساهم فى هذه الجريمة وكل من هو قائم على هذه المواد الظالمة.
تم عمل طلب استئناف للقضية برقم ١٦٨٠ فى ١٤ أبريل الماضى، تم رفض الاستئناف بعد ١٠ أيام من تقديمه، وقدمنا طلبا للمحامى العام لنيابات شمال القاهرة فى ٢٦ أبريل الماضى تحت رقم ١٩٦٦ تم رفض الطلب يوم ٧ مايو وتقدمنا بطلب للنائب العام فى نفس اليوم تحت رقم ٣٣٨٣ على أمل أن يقبل هذا الطلب وينظر بعين الرحمة على أسرة فقدت ابنها، وتعانى مرارة الظلم بسبب القانون.
أنهت الأم كلامها بأنها لا تريد سوى القصاص لابنها لأنها ترى كل يوم السائق الذى تسبب فى مقتل ابنها أمام عينها فى الشارع، يرقص فرحا بعد منحه القانون وسيلة لقتل البشر ويدفع مبلغ زهيد ٥٠٠ جنيه، أنا لا أريد سوى أن يطلب النائب العام ملف هذه القضية ويقرأه بنفسه كأنه أب وأن الذى راح فى هذا الحادث هو ابنه، وأريد أن اعرف قراره، ولابد من تغير بعض مواد القانون التى لم تغير فى حوادث القتل الخطأ.