* تخفض امتصاص الأمعاء للكولسترول
* تعمل الألياف الذائبة على تقليل امتصاص الأمعاء للكولسترول. وآلية ذلك هي قدرة تلك النوعية من الألياف على الالتصاق بالكولسترول القادم مع الطعام. وقدرتها أيضاً على الالتصاق بأملاح المرارة، المحتوية هي نفسها على كولسترول في مكوناتها. وبالتالي يحصل أمران، الأول تقليل امتصاص الأمعاء لكولسترول الطعام، والثاني تقليل امتصاص الأمعاء الدقيقة لأملاح المرارة، ما يُسهم بالتالي في خفض نسبة الكولسترول في الدم. وهنا توضيح بسيط ومهم، ذلك أن من المعلوم إنتاج الكبد لسائل المرارة الأصفر، واحتواء هذا السائل على «أملاح مرارية» مهمتها تسهيل امتصاص الأمعاء للدهون وللكولسترول متى ما امتزج سائل المرارة مع الطعام في الأمعاء الدقيقة. ووظيفة هذه الأملاح المرارية تسهيل امتصاص الدهون المشبعة والكولسترول. وهو ما تقوم به حينما تأتي مع عصارات المرارة إلى الأمعاء الدقيقة، ثم بعد تسهيلها توصيل الدهون والكولسترول إلى أبواب خلايا بطانة الأمعاء وامتصاصهما، تجري هذه الأملاح المرارية في داخل قناة الأمعاء الدقيقة، لتصل إلى الجزء الأخير منها، حيث تتم هناك فقط إعادة امتصاص الأملاح المرارية وتوصيلها إلى الكبد، الذي يُعيد إفرازها إلى عصارات المرارة. وهكذا دواليك تتكرر دورة هذه الأملاح المرارية.
ومن الذكاء الطبي استغلال هذه الدورة لأملاح المرارة في خفض نسبة كولسترول الدم. وهو ما يتم عبر طريقتين، الأولى دوائية، بتناول علاج يُدعى كولستايرامين، والثانية غذائية عبر تناول الألياف الذائبة العاملة على تحقيق ما تقدم ذكره.
والألياف عموماً، بنوعيها الذائبة وغير الذائبة، لا تُوجد إلا في المنتجات النباتية. والفارق بين ما هو ذائب وغير ذائب هو القدرة على الذوبان في الماء وتشكيل مزيج غرويّ. ولذا فإن نخالة القمح، ذات الطبيعة الأقرب لنشارة الخشب، هي غير ذائبة ولا تُفيد بشكل جيد في خفض الكولسترول. بينما الألياف الذائبة في البقول وحبوب الشوفان وبذور الكتان وغيرها فمفيدة لتلك الغاية.
وما دلت عليه نتائج الدراسات الطبية، كما تشير إصدارات البرنامج القومي الأميركي للتثقيف بالكولسترول، ورابطة القلب الأميركية، والباحثين من «مايو كلينك» و«كليفلاند كلينيك»، وغيرهم، أن تناول كميات من بذور الكتان أو حبوب الشوفان أو أصناف البقول عموماً، يُسهم في خفض نسبة كولسترول الدم. والنصيحة الطبية أن تحتوي وجبات غذائنا اليومية على حوالي 30 غراما من الألياف. وتحديداً فإن تناول 10 غرامات من الألياف الذائبة يومياً يُخفّض كولسترول الدم بنسبة 5%. ولتقريب الحساب، كما يُقال، يحتوي نصف كوب من العدس المطبوخ 8 غرامات من الألياف الذائبة، وكوب من الشوفان المطبوخ على 6 غرامات منها، وتفاحة واحدة على 4 غرامات منها أيضاً.
* الكولسترول ومكمن ضعفه: «الجوز واللوز والزيتون تغلبني»
* لو قال الكولسترول شعراً يفضح به نفسه ويكشف مكمن ضعفه، لنهج طريق المتنبي في قول الشعر! لكن ليس على سبيل التفاخر بمن يشهد له بالقوة، بل حسرة ممن يتسبب بضعف قوته وزوال تأثيره الضار. وبدلاً من ترديد قول المتنبي: «الخيل والليل والبيداء تعرفني»، لقال الكولسترول: «الجوز واللوز والزيتون تغلبني».
وهذا بالضبط ما تؤكده المصادر الطبية حين حديثها عن المنتجات الغذائية المفيدة في العمل على خفض نسبة كولسترول الدم، خاصة منها ما يحتوي في مكوناته على زيوت نباتية طازجة وغير معالجة صناعياً، كالمكسرات والزيتون وزيته وغيرها. وتذكر الجوز، أو ما يُسمى في بعض المناطق العربية «عين الجمل»، كأحد ما أثبتت الدراسات الطبية التي أشار إليها الباحثون من «مايو كلينك»، أن تناول كمية ثلث كوب منه، يومياً، يُخفّض من نسبة كولسترول الدم بمقدار 12%. وأن الكمية تلك تحمل في طياتها حوالي 240 سعرا حراريا (كالوري) من الطاقة. وما يُميز الجوز احتواؤه على كميات عالية من الزيوت النباتية عالية المحتوى من الدهون غير المشبعة العديدة. والمعلوم أن الدهون غير المشبعة تنقسم إلى نوعين رئيسيين، دهون عديدة غير مشبعة، كما في كثير من المكسرات وزيت السمسم ودوار الشمس والذرة. ودهون أحادية غير مشبعة، كما في زيت الزيتون.
ولذا من الحكمة إدخال المكسرات إلى غذائنا اليومي، كثمار جافة كاملة للتسلية، بدلاً من المقرمشات والمقليات، وللإضافة إلى السلطات وأطباق الأطعمة المطبوخة. أو كمعجون مسحوقها للشطائر (السندوتشات) بدلاً من الزبدة أو غيرها.
ونفس النظرية تنطبق على زيت السمك الغني بدهون أوميغا ـ 3. وكانت بدايات معرفتنا أن للغذاء دورا في خفض الكولسترول، وبالتالي في تقليل الإصابات بأمراض شرايين القلب، هو مما لاحظه الباحثون في قلة إصابات شعب الإسكيمو بتلك الأمراض مقارنة بغيرهم من سكان باقي مناطق الأرض. وكان أن وجد الباحثون أن الفارق ناشئ عن اختلاف نوعية غذائهم، وعلى وجه الخصوص احتواء وجباتهم الغذائية على كميات من زيت السمك. والنصيحة الطبية اليوم لعموم الناس، دون الحوامل والأطفال، تناول وجبتين من الأسماك أسبوعياً. وخاصة أنواع الأسماك الدهنية، مثل السلمون والتونا البيضاء والساردين والماكاريل وغيرها. لكن من المهم جداً التنبه إلى أن بلوغ فوائد الأسماك يكون بطهيها مشوية أو في الفرن دون إضافة أي سمن أو زبدة إليها. وأن الفائدة تتلاشى حال قلي السمك في الزيوت النباتية المُهدرجة غير الطبيعية.